بسم الله
الرحمن الرحيم
علم المعانى :
الأول أن مقتضى الحال تقدير متعلق مؤخرا
لإفادة الإهتمام باسمه تعالى لأن المقام مقام
استعانة بالله.
ولإفادة القصر فالقصر هنا ينظر فيه لأحوال
المخاطب به :
١. قصر قلب : إن كانوا يعتقدون أن البركة
تحصل بالإبتداء بغير اسم الله سبحانه وتعالى.
٢. قصر إفراد : إن كانوا يعتقدون أنها تحصل
بالإبتداء باسم الله واسم غيره.
٣. قصر تعيين : إن شكوا فى حصول البركة بأي
الأسماء.
الثانى أن مقتضى الحال قطع الصفات أعنى الرحمن الرحيم.
لأن مقام مقام ثناء {النعوت اذا كان المقصود منها المدح فالأولى قطعها} لأن فى قطعها دلالة على أن المنعوت متعين بدونها.وإنما
أتى بغير القطع لكن لايخفى {أن الوارد فى القرآن والسنة الإتباع }
وحينئذ {مخالفة مقتضى الحال لما فى الإتباع من الجرى على
الأصل} الأصل عدم القطع
ثم اذا قطعت تلك الصفات على تقدير هو أو أعنى
كانت الجملة مفصولة
فإن قلت : ما سبب الفصل دون الوصل ؟
أجيب : ١.
سببه أنه لم يقصد التشريك بين الجملتين فى حكم من الأحكام المقتضى ذلك الوصل.
٢. سببه أن بين
الجملتين كمال الإنقطاع وذلك لأن جملة أؤلف باسم الله خبرية بالنظر لصدرها وجملة
هو الرحمن مثلا لإنشاء المدح.ومتى كان بين الجملتين كمال الإنقطاع تعين الفصل.
علم البيان :
الأول الباء حقيقتها الإلصاق.
وهو حقيقى : كأمسكت بزيد اذا قبضت على شيئ من جسمه أو على
ما يحبسه من زيد ونحوه.
ومجازى : نحو مررت بزيد أى ألصقت مرورى
بمكان يقرب من زيد.
وهى هنا للإستعانة.
وحيث كانت هنا كذلك فتكون استعارة تبعية.
وتقريرها : شبه الإرتباط على وجه
الإستعانة بالإرتباط على وجه الإلصاق بجامع مطلق الإرتباط فى كل.
فسرى التشبيه للجزئيات فاستعيرت الباء
الموضوعة للإلصاق الجزئى للإستعانة الجزئية على طريق الإستعارة التبعية.
الثانى الجار والمجرور فى البسملة متعلق بمحذوف وحينئذ
ففيها مجاز بالحذف بناء على قول من يقول ان الحذف مجاز مطلقا
وعلى قول من يقول ليس بمجاز مطلقا وكذا على
قول من يقول انه مجاز اذا تغير بسببه اعراب الباقى كما فى قوله تعالى واسأل القرية
فليس فيها مجاز.
المجاز بالحذف ليس من قسم المجاز المعرف
بأن كلمة مستعملة فى غير ما وضع له بل قسم آخر.
الثالث اضافة اسم الى الله حقيقة ان أريد من لفظ الجلالة
الذات.
وأما ان أريد منه اللفظ فهى
بيانية.والإضافة البيانية مجاز بالإستعارة عندهم {الإضافة
البيانية مقابلة للحقيقة}
الرابع لفظ الجلالة علم على الذات العالية علم شخصى
لاجنسى.
وقد اختلف فى الأعلام الشخصية :
فقيل : أنها حقيقة لإنها استعملت فيما
وضعت له.
وقيل : أنها واسطة بين الحقيقة والمجاز
لأنهما من خواص الأمور الكلية والأعلام الشخصية موضوعة لمعان جزئية.
فعلى الأول لفظ الجلالة حقيقة.
وعلى الثانى لاحقيقة ولامجاز بل واسطة
بينهما.
الخامس حقيقة الرحمة : رقة فى القلب وانعطاف تقتضى
التفضل والإحسان.وهى مستحيلة عليه سبحانه وتعالى فيراد منها لازمها وهو التفضل
والإحسلن.
واشتق منها بهذه المعنى رحمان ورحيم بمعنى
متفضل ومحسن.
فهو مجاز مرسل تبعى تابع للتجوز فى أصلهما.
علم البديع :
الأول
فيها التورية :
وهى أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد
ويراد البعيد اعتمادا على قرينة خفية.
فقد أطلقت الرحمة وأريد بها التفضل
والإحسان الذى هو معنى بعيد لها لأنه مجازى اعتمادا على قرينة خفية.
وهو استحالة المعنى القريب الذى هو الرقة
فى القلب
الثانى فيها الإستخدام :
بناء على أن المراد من اسم الجلالة اللفظ
وفى الرحمن ضمير يعود على الله باعتبار الذات.
الثالث فيها الإدماج :
وهو أن يضمن الكلام المسوق لغرض غرضا آخر.
وبيان ذلك أن الغرض الأصلى من البسملة
التبرك والإستعانة باسمه تعالى فبعد أن ذكر هذا الغرض منها أدمج فيها الثناء على
الله بكونه رحمنا ورحيما.
الدسوقى
أن
الباء للإستعانة على وجه التبرك .واضافة اسم الى لفظ الجلالة من اضافة العام
للخاص.والمعنى أبتدئ متبركا بأى اسم من أسمائه تعالى سواء كان دالا على الذان فقط
كلفظ الله أو عليها وعلى الصفات كلفظ الرحمن.
ففيه
إشارة الى عقيدة أن لله أسماء.والراجح أنها توقيفية.
والله
علم شخصى على الذت فقط المعينة بكونها واجبة الوجود المستحقة لجميع المحامد.
ففيه
اشارة الى عقيدة وجوب الوجود.
وقولهم
فى بيان لفظ الجلالة انه اسم للذات الواجب الوجود.ذكر واجب الوجود وما بعده انما
هو لتعيين المسمى لاأنه من جملة الموضوع له والا كان لفظ الجلالة كليا فلا يكون
لااله الا الله مفيدا للتوحيد وقد أجمعوا على افادتها له.
الرحمن
مأخوذ من الرحمة : وهى رقة فى القلب وانعطاف تقتضى التفضل والإحسان.
وهى
بهذا المعنى مستحيلة فى حقه تعالى.فتعتبر فى حه تعالى باعتبار مسببها القريب وهو
ارادة الإحسان أوالبعيد وهو الإحسن.
فهى
على الأول صفة ذات وعلى الثانى صفة فعل.وصفة الفعل حادث بمعنى أنها متجددة بعد
عدم.فتكون أمرا اعتباريا.والمولى سبحانه و
تعالى يتصف به لابمعنى أنها موجودة بعد عدم لإستحالة اتصاف المولى به.
ففى
الرحمن على الإعتبار الأول الإشارة الى
صفة الذات وعلى الإعتبار الثانى الإشارة الى صفة الفعل.
فالرحمن
على الإعتبار الأول بمعنى مريد
الإنعام وعلى الثانى بمعنى المنعم.
واعلم
: أن ما ذكروه من أن الباء فى البسملة متعلقة بمحذوف. {لأن الأصل
عدم الزيادة }
يجوز أن يكون فعلا وأ يكون اسما.وفى
كل اما أن يكون مقدما أو مؤخرا.
هذا ان كان المبتدئ بها من العباد.
فان كان اخبارا من الله فليس المعنى على
ذلك بل المعنى باسم الله كان كل شيئ .ومنه تكون الأشياء.
وهذا يستلزم اتصافه بجميع الصفات.فتكون
الباء مشيرة لجميع العقائد.
كذا ذكر بعض أئمة التفسير.
ثم أن المحذوفات المقدرة فى القرآن
كالمتعلق المقدر فى بسملة الكتاب العزيز الذى هو اقرأ أوأتلو مثلا الذى من كلام
الحوادث فيه قولان: قيل انه من
القرآن.قيل انه ليس من القرآن.وفى كل نظر
أما الأول أعنى جعله من القرآن فيلزم عليه تأليف القرآن من الحادث
والقديم.والمركب من القديم والحادث حادث.فيلز أن القرآن حادث.ويلزم عليه أيضا
تأليف القرآن من المعجز وهو كلام الله
وغير المعجز.وهو المتعلق المقدر. والمركب من المعجز وغير المعجز غير معجز. فيلز أن
القرآن غير معجز.
وأما الثانى أعنى جعله من غير القرآن فيلزم عليه احتياج القرآن لغيره.ولا خفاء أن ذلك نقص.
No comments:
Post a Comment